“الجيش الحرّ” كشريك غير مُرحّب به للقضاء على الإرهاب

خاص – الرقة تذبح بصمت

فتّحت معركة تدمر الأخيرة جدالاً تم الخوض به كثيراً، وهو المفاضلةُ بين الأسد و‹‹ داعش›› ومن هو الأكثر ضرراً والأكثر خطورة ًعلى العالم اليوم؟؟ وخاصة ًبعد تفجيرات بروكسل الأخيرة التي أصابت الأوربيين بصدمة مردها اكتشاف ضعف القدرات الأوروبية على الصعيد الأمني والعملياتي في مواجهة التهديدات الإرهابيّة، التي يستفيدُ الأسد منها أيّما استفادة، فيعيُد جيشه بَسَطَ النفوذ على تدمر بعد مسرحية مكشوفة كان أبطالها الأسد و‹‹ داعش›› في عرض مَمْجوج كانت المدينة الأثرية وأوابدها التاريخية ساحةً لعرضه وتبيانه للجمهور العالمي.

في ذات اليوم الذي كان الأسد يستقبل فيه وفداً برلمانياً فرنسياً، كان جيشهُ يدخل تدمر دون أيّة مقاومةٍ حقيقية من‹‹ داعش›› ليتباهى الأسد بنصره الذي حققهُ على داعش ويحسَّن من موقف وفده التفاوضي في جنيف، خاصةً بعد انسحاب القوات الروسيّة من سورية بعد ستة أشهر من عملياتها هناك، وإصرار الراعيين الأمريكي والروسي مُضافاً إليهم المبعوث الدولي ” ستيفان دي مستورا” على استخدام الانتقال السياسي بديلاً عن المصطلح الذي كان يروّج له الأسد وحلفائه وهو ” حكومة وحدة وطنية” تُبقي الأسد متحكماً بكل شيء وتشارك فيها المعارضة “الوطنية” المرضي عليها من مخابرات الأسد، لذا كان من المهم للأسد أن يحققَ شيئاً ما على الأرض ليعيدَ طرح نفسه ونظامي كشريك أساسي لا غنى عنه في دحر الإرهاب وحربه.

بالعودة إلى بدايات داعش وتَشكّلها في النصف الثاني من العام 2013، كانت فصائل الجيش الحر أول من اشتبك مع داعش وخاضت معارك معها، في الرقة التي يعرّفها العالم وإعلامه اليوم بإنّها “عاصمة الدولة الإسلامية” خيضت مواجهات عدة بين داعش والكتائب المحليّة فيها، قبل أن تخوض ‹‹ داعش›› معركتها الكبرى هناك حيث سيطرت عليها بدايات العام 2014 تحت نظر العالم ودونما أيّ تدخّل أو مساعدةٍ تُذكر في دحر “الإرهاب الناشئ ” حينذاك. لاحقاً قامت فصائل من الجيش الحرّ أغلب مُنتَسِبيها من العرب السُنّة_التي تقدّم داعش_ نفسها كحامية ًومدافعةً عن قضاياهم، قامت هذه الكتائب بطرد داعش ودحرها من حلب وريف إدلب دون إرادة دوليّة، وبدون ذات البروباغندا الإعلاميّة التي تصاحبُ أيّ نصر يحققهُ طرف ما على ‹‹ داعش›› اليوم.

يمكننا أيضاً في السياق ذاته استذكار كيف كان الجيش الحرّ والفصائل الأخرى في حلب على أعتاب حصار خانق طرفاهُ النظام السوري مدعوماً بالطيران الروسي و ‹‹ داعش›› التي كثّفت هجماتها على مناطق سيطرة الجيش الحر مصحوبةً بقصف جوي مُكثّف تشنُّه الطائرات الروسية والأسدية وكأنّها سلاح جو لداعش يمهدُ لتقدّمها، ولتستفيدَ أطراف أخرى مثل ما يسمّى “قوات سورية الديمقراطية” والتي تشكّلُ وحدات حماية الشعب الذراع السوري لحزب العمّال الكردستاني في سورية المكون الرئيس فيها، وتتقدم في مناطق سيطرة الجيش الحر أيضاً وتنتزعُ مدن يسيطر عليه هو تحت كثافة جوية روسية، ولكي تقترب من مناطق داعش وتهاجمها كي تصوّر للعالم أنها_الشريكُ الوحيد_والموثوق لدحر الإرهاب، بينما هي تريد وصل “الكانتونات” الثلاث (عفرين _كوباني_ القامشلي ) بعضها البعض لتشكيل الكيان الكردي المستقل في شمال سوريّة متذرعة ّبأنّها تقوم بتطبيق نظام إداري حديث يناسب سوريّة المستقبل وهو “الفيدرالية” التي لم يستشرْ السوريّين في اعتمادها وإقرارها.

قطعُ إمدادات السلاح وخاصة ًمضادات الطيران عن الجيش الحرّ أمدّت بعمر نظام الأسد الكيماوي، ومنع الحلفاء الإقليميين من تزويد كتائب الجيش الحر((ذو الأجندة الوطنية)) بالأسلحة المتطورة، غلّب دور الفصائل ذات التوجه الإسلامي وخلق تُربة ًخصبة لنمو الإرهاب وازدهاره لكي تصبح المعركة كما يريدها الأسد ومن يقاتل معه عبارة عن: (( نظام حداثي يرأسه شاب يرتدي ربطة عنق مقابل غلاة متطرفين يظهرون بذقون طويلة وسكاكين لحزِّ الرقاب))، ضف لها السياسة الانكفائية الأوباميّة ونفضُ يده من الشرق الأوسط المملوء بالمشاكل واستهزاءه بالجيش الحر (( أطباء ومهندسين وصيادلة سابقين يقارعون جيش مدعوم من قوى كبرى كروسيا وإيران))، مُضافاً إليها الإملاءات الأمريكية بأن تكون الحرب أولاً ضد داعش ومن بعدها ممكن التفكير بمصير الأسد، الأمر الذي رفضه أغلب قادة الجيش الحر جعل منه منبوذاً ومطروداً من الرغبة الدولية المحاربة للإرهاب.

بالنظر إلى تغطية الإعلام العالمي وتعاطيه مع المسألة السوريّة، نجدُ احتفاءً وترحيباً كبيراً لانتصارات الأسد على داعش على الرغم من المعارك الهزلية التي يؤديها الطرفان، ونجد دعماً وتمجيداً أكبر لانتصارات “قوات سورية الديمقراطية” المدعومة بطيران روسي_أمريكي وبإمدادات لوجستيّة لا محدودة؛ بينما يغيب كلُّ ذلك عن الجيش الحرّ الذي يجابه النظام وداعش ومطامع مليشيا قوات سورية الديمقراطية، وصحيح أنّه لم يتمْ اعتماده ودعمه في الحرب ضد الإرهاب، إلاّ أنّه يواصل في الأيام الأخيرة حملةً ناجحة ضد التنظيم المتطرّف في ريف حلب الشمالي ليطردهُ من عشرين قرية هناك، لكنْ دون صخبٍ وتهليلٍ وبروباغندا من الإعلام العالمي كما هو الحال مع جيش الأسد ووكلاء أمريكا وروسيا المحلّيّين

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

.