انحسار رقعة “داعش” وعودة عصابة “دولة العراق الإسلامية”

خاص – الرقة تذبح بصمت

مرّ تنظيم “داعش” بلحظات حرجة كثيرة استطاع تجاوزها دون خسائر تذكر من الناحية الجغرافية، كونه لا يعتبر الخسائر البشرية في صفوفه ذات أهمية نظراً لقدرته على تجنيد وجذب أنظار الأنصار الأمر الذي يؤدي إلى رجحان كفته باستمرار المخزون البشري لديه وبالتالي دفعه للتعويل على المساحات الجغرافية التي يحتلها بإثبات قدراته.

ويعتبر عام 2015 العصر الذهبي لتنظيم “داعش” حيث بلغت رقعة سيطرته أوجها في كل من سوريا والعراق فبات يسيطر على مساحات واسعة تفوق تلك التي تسيطر عليها الحكومة العراقية أو السورية، بل وأصبح يطمح إلى المزيد وبخاصة في سوريا عن طريق مهاجمته مواقع تقع تحت سيطرة الجيش السوري الحر. لكنّ الرقعة الواسعة التي سيطر عليها التنظيم تحولت إلى عبء يثقل كاهله بعدما كان يطمح للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة تنقله من حياة الصحراء إلى حياة المدن وتضع بين يديه خيرات ساهمت في تعزيز اقتصاده وامتلاكه مفاتيح القوة في المنطقة، فبات يعقد صفقات لبيع النفط والغاز والقمح مع النظام السوري على الرغم من العداء الذي يدعيه كل منهما للآخر.

ومع بداية العام 2016 بدأت انسحابات داعش من مواقع عدة لصالح الحشد الشعبي في العراق وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا، ليفتح بذلك باب التساؤل عن قوة هذه الفصائل التي لم يستطع مجابهتها فانسحب أمامها, علماً أنه استطاع الصمود لأكثر من سنة في وجه غارات التحالف الدولي وحقق تقدماً على الأرض وأخضع مدن وبلدات عدة.

خسارات التنظيم المتلاحقة جعلت أمراءه يعيدون التفكير بأسباب الهزائم التي لحقت بهم أو الانسحابات على وجه الدقة، فكانت أولى الخطوات المتبعة هي إعادة هيكلة صفوف التنظيم للحفاظ على المنطلق الأساسي “العراق”. ديوان الجند أو ما يعرف بالشرطة الإسلامية في مدينة الموصل العراقية أصدر قراراً بسحب جميع المقاتلين العراقيين في سوريا واستبدالهم بالمقاتلين الآسيويين المتواجدين في العراق لمنع حدوث أي نقص هناك، ونصّ القرار أيضاً على عدم إرسال أي مقاتل عراقي خارج العراق وإرسال أي مقاتل لم يمض على تواجده مع التنظيم أكثر من ثلاث سنوات إلى خارج العراق وكأن التنظيم فقد الثقة بما يقارب 70% من مقاتليه الجدد ويريد العودة إلى المقاتلين الأوائل أصحاب “دولة العراق الإسلامية”.

قرار التنظيم هذا ينبئ بانسحاب وشيك من أكبر معاقله الإعلامية أو ما يعرف بولاية الرقة التي أطلق عليها اسم “عاصمة الخلافة”، وبخسارة ما يسمى الدولة الإسلامية لعاصمتها فإنّ التنظيم قد يرجع إلى عهد العصابات الليلية ومعسكرات الصحراء بعدما أثقلت أعباء الدولة كاهله.