أهالي الرقة يعيشون تحت « رحمة داعش وخطر الليشمانيا » .. و800 مقاتل أجبروا على «التوبة»

التنظيم يطرد الأكراد من مناطقهم بتهمة العمالة لـ {قوات الحماية}

استمرت المعارك في الريف الشمالي الغربي للرقة حيث تمكّنت الفصائل المعارضة من إحراز بعض التقدم، فيما لا يزال نحو 600 ألف سوري يعيشون في الرقة، معقل التنظيم، تحت رحمة أحكامه وزيادة انتشار وباء «الليشمانيا» في صفوفهم.
ووصف أبو محمد، الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت»، الوضع في الرقة بـ«الهادئ عسكريا»، باستثناء منطقتي تل اسنان وتشلبية في الريف الشمالي الغربي، لكن الأمر لا ينسحب على الوضع الإنساني والاجتماعي للأهالي، الذين يعيشون تحت وطأة أحكام وسيطرة «داعش» وخطر الإصابة بوباء «الليشمانيا». وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنّ التنظيم وبعدما بات يعاني من نقص في عدد مقاتليه، عاد وطلب من كل من قاتل ضدّه التقدم بطلب «توبة» ومبايعة التنظيم، وقد تقدم بهذا الطلب لغاية الآن 800 شخص، 160 منهم أعلنوا مبايعتهم له، بينما يخضع البقية إلى دورات شرعية لإقناعهم بالمبايعة.
وأوضح أبو محمد أن المعارك في تل اسنان اشتدت خلال اليومين الأخيرين، وهي لا تزال بين «كر وفر»، تتقدم فصائل المعارضة حينا وتتراجع أحيانا لصالح تنظيم «داعش».
وكان «مكتب أخبار سوريا» قد أفاد بسيطرة القوات المشتركة في غرفة عمليات (بركان الفرات)، على تل أسنان بريف مدينة تل أبيض، الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش بريف الرقة الشمالي، بعد اشتباكات استمرت لساعات بين الطرفين.
ولفت إلى أن المعارك أسفرت عن مقتل 15 عنصرا من التنظيم، في حين قتل 4 عناصر وأصيب 5 آخرون من مقاتلي القوات المشتركة. مع العلم أنّ قرى الريف الغربي لمدينة تل أبيض كالجرن والأحمدية والمناجير بمحافظة الرقة، تشهد اشتباكات مستمرة بين غرفة عمليات (بركان الفرات) المؤلفة من وحدات حماية الشعب والجيش السوري الحر من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة ثانية، وذلك إثر انسحاب التنظيم إليها، بعد خروجه من مدينة كوباني (عين العرب) بريف حلب، قبل نحو شهرين.
وأشار أبو محمد إلى أنّ العائلات في الرقة حيث يسيطر «تنظيم داعش» يعيشون في خوف دائم من الملاحقة أو الحكم بالقتل، كما أنّ التنظيم يعمد بشكل دائم على فرض قرارات وأحكام جديدة على أهالي الرقة، ويجبرهم على دفع رسوم الخدمات التي لا تصل أساسا إلى المنازل، كالكهرباء والهاتف وغيرهما، لافتا إلى أنّه قبل يومين قامت ما تعرف بـ«لجان الزكاة» في التنظيم، بتسجيل ممتلكات العائلات على اختلاف أنواعها، ما يشير إلى أنّها ستعمد لاحقا إلى فرض ضرائب عليها.
وفيما يتعلّق بالمدارس التي كان قد عمد التنظيم إلى إقفالها تمهيدا لاستكمال المناهج الخاصة به، قال أبو محمد «إنّها لا تزال مقفلة رغم الإعلان عن الانتهاء من وضع البرامج التعليمية، لكن يتم تدريس الأطفال فيما يعرف بـ(حلقات تعليم القرآن الكريم)، وقد قام أخيرا بافتتاح مدرسة لتعليم اللغة الإنجليزية إضافة إلى البدء في استقبال طلبات التسجيل في كلية الطب على أن يبدأ فيها التدريس قريبا».
وبينما اعتبر أبو محمد أنّ الحديث عن «وباء الليشمانيا» والقول إنه سيقضي على «تنظيم داعش»، مبالغا فيه، أوضح أنّ المصابين به من مقاتليه لا يتعدون المئات، وهو أمر طبيعي في منطقة الرقة التي انتشر فيها هذا المرض منذ عام 2013. وأشار إلى أنّه نتيجة الإحصاءات التي قام بها «تجمع الرقة تذبح بصمت»، تبين أنّ هناك 500 حالة في المدينة و60 في المنطقة الشرقية و120 في المنطقة الغربية و2600 في الريف الشمالي. ولفت إلى أنّ سبب انتشار هذا الوباء يعود إلى توقف المنظمات الدولية عن العمل في هذه المنطقة بعدما عمد التنظيم إلى إقفال مراكزها.
وكانت معلومات قد أفادت أنّ «وباء الليشمانيا» الجلدي يتفشى في صفوف مقاتلي «داعش»، ولا سيما في ‏مدينة الرقة السورية التي تعتبر عاصمة التنظيم. ووفقا لما ذكرت صحيفة «ديلي إكسبريس» البريطانية، فإن «المرض أصاب عددا من عناصر التنظيم»، لافتة إلى أن «الجهود المبذولة لعلاج المرض ووقف انتشاره في المدينة، أعاقتها ‏الإجراءات التي اتخذها داعش من إغلاق مكاتب صحية، ومصادرة المعدات، واعتقال الأطباء الذين يساعدون في علاج الوباء، الذي قد يكون مميتا».
ويأتي ذلك بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن النظام الصحي في سوريا انهار تماما، وهذا ‏يعني أن المرض ينتشر بسرعة في البلاد، التي تعاني من أعمال عنف غير مسبوقة. وكانت قد اكتشفت أول حالة إصابة بهذا المرض، الذي تسببه طفيليات، في سبتمبر (أيلول) عام 2013. وبحلول ‏منتصف عام 2014. أصيب به نحو خمسمائة شخص.
يذكر أن، مرض اللشمانيا ينتقل إلى جلد الإنسان عن طريق لدغة ذبابة الرمل، قبل أن يهاجم ‏طفيل اللشمانيا الخلايا البلعمية في الإنسان ويتكاثر داخلها، وعادة ما يترك آثارا وندوبا مكانه ‏عند الشفاء منه.‏
وفي ريف حلب الجنوبي الشرقي بمحيط مدينة كوباني (عين العرب)، أبلغ تنظيم داعش المدنيين في القرى الخاضعة لسيطرته بوجوب مغادرة منازلهم، متهما إياهم بالعمالة لوحدات حماية الشعب الكردية التي تقاتل التنظيم، كما اعتقل عددا من الشبان الأكراد بتهمة الانتساب إليها.
وذكر «مكتب أخبار سوريا» أن التنظيم هدد المدنيين الأكراد المقيمين في قرى جبل الكرجي وكبرب وعيدو وسجكليان وبيرمحلي وغيرها، بالاعتقال ودفع غرامات مالية في حال عدم خروجهم من منازلهم، ما دفع بعضهم لمغادرة القرى المذكورة إلى مناطق سيطرة القوات المشتركة المشكلة من مقاتلي الجيش السوري الحر ووحدات حماية الشعب الكردية، بريف حلب.
كما منع التنظيم المدنيين من أخذ مقتنياتهم الشخصية كالأدوات منزلية وغيرها، بحجة أنها أصبحت ملكا له وأنها «أموال مسلمين»، بحسب «المكتب»، مشيرا إلى أنه سبق للتنظيم أن أرغم قبل نحو شهرين سكانا عربا ينتمون إلى 15 قرية بريف حلب الشرقي على مغادرة منازلهم، من دون أن يخبرهم بالسبب.
كذلك، منع التنظيم المدنيين في قرى ريف حلب الشرقي من عبور نهر الفرات ذهابا وإيابا لمدة 3 أيام، مهددا بإطلاق الرصاص على من يخالف قرار المنع.

المصدر : aawsat.com